عمان - وليد سليمان - قبل الحديث عن التقويم الهجري الذي وضعه المسلمون كبداية لتاريخهم الاسلامي فإنه لا بد لنا من الرجوع الى سنوات أبعد من ذلك لنتعرف على مقدمات التقويم العربي ما قبل الاسلام .. فقد ورد في دراسة للباحث المصري د. محمد بلاسي ان القبائل العربية في الجاهلية كانت تؤرخ وتستعمل عدة تقاويم بفترات متباينة مبتدئة بالسنين بما يحصل معها من أحداث جسام, لذا فقد ارخت وقومت بعض القبائل العربية قديما اعتمادا على حدث هام وهو »بناء سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام للكعبة«, وقبائل عربية اخرى أرخت اعتمادا على حدث »إنهيار سد مأرب« او »حرب الفجار«, وآخرون ارخو اعتمادا على موت رئيس قبيلتهم او تسلم شيخ او رئيس قبيلة جديدة لمقاليد الحكم. ومن اشهر تلك التقاويم العربية ما قبل الاسلام والتي ارخ بها أهل مكة وتبعتهم بعد ذلك قبائل اخرى هو »تقويم عام الفيل« الذي يعتمد التقويم القمري ورؤية الهلال, ولكن دون ذكر السنوات بالاعداد والارقام.
هذا وقد بقي تقويم الفيل ساريا يؤرخ به العرب قبل الاسلام وحتى زمن الاسلام قليلا .. الى ان اعتمد المسلمون التقويم الهجري الجديد والمستعمل حتى هذه الايام.
ووصولا للحديث عن التقويم الهجري القمري الذي وضعه المسلمون فإنه وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في سنة »11« هجرية واستلام الخلفاء الراشدين زمام امور المسلمين فقد بدأت الفتوحات الاسلامية واتسع مداها وعندئذ التبس الأمر على المسلمين في الاشارة الى سنة ما .. وذلك نظرا لكثرة الحوادث الاسلامية المهمة واختلاف مواقع حدوثها وكثرة اموال الجزية التي كانت تدفع للمسلمين, ونظرا لأنهم كانوا يؤرخون بالتقويم الميلادي لبعض الحوادث التي تطرأ في فتوحاته لذا بدأ المسلمون في التفكير لحل هذا الالتباس .. وفي سنة »17« هجرية جمع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجوه الصحابة للبحث في أمور التقويم الاسلامي بحيث تكون بدايته من حدث اسلامي عظيم الشأن.
وبالتالي فمنهم من اقترح ان يبدأ التقويم منذ يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم, وآخرون اقترحوا منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, لكن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه اقترح بجعل التقويم الاسلامي وبأثر رجعي ان يكون منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة المنورة .. وقد اتفق بالفعل الخليفة عمر والصحابة على رأي علي بن ابي طالب لما لهذا الحدث من معان سامية وانتصار للاسلام, ومن هنا سمي التقويم الاسلامي بالتقويم الهجري.
هذا ومن الملاحظات التي يستوجب الموضوع الاشارة اليها هنا حول التاريخ الهجري هي: ان السنة الهجرية تتألف من 12 شهرا قمريا اي »354« يوما شمسيا وسطيا, بينما في السنوات الكبيسة تتألف من »355« يوما.
وان التقويم الهجري هو تقويم قمري خالص طوال العام, ولا علاقة للشهور بفصول السنة الاربعة!! اي ان شهر رمضان مثلا ربما يأتي في فترة ما في فصل الصيف, وفي فترة ما اخرى ربما في فصل الشتاء!! وذلك بعكس التقويم الغربي.
وان الشهور المستخدمة في التقويم الهجري هي نفسها التي كانت سائدة لدى العرب في الجاهلية, لكن المسلمين جعلوا غرة الاشهر هو شهر محرم من كل سنة لأنه اول الاشهر التي حرم بها القتال.
ثم ان الشهر الهجري يبدأ برؤية هلال القمر وينتهي برؤيته مرة اخرى.
ومن الملاحظات الاخرى التي يشار اليها كذلك ان الاحتفال الديني بمناسبة رأس السنة الهجرية بدأ في عهد الدولة الفاطمية وما زال الاحتفاء به قائما حتى الآن.